المشاعر والافكار

الذكاء الوجدانى ( التعامل مع المشاعر)

المشاعر والاحاسيس تنقسم إلى جسدية ونفسية ويبدو من هذا التقسيم أنهم مختلفين عن بعض الا أنهم فى واقع الأمر يحملون صفات متشابهة فى أنهم ردود أفعال تلقائية لا يمكننا التحكم فيها ولا تحديها ولا يمكننا توقيف حدوثها ولا نستطيع أن نقرر أن نمنعها . وبالتالى المشاعر البسيطة يمكن إدراكها ويمكن معرفة سببها ويمكن التعامل مع هذا السبب فتختفى هذه المشاعر أو تتناقص . وأن المشاعر مهما كانت قوية فهى ستنتهى إن آجلا أو عاجلا فلا ضرر من الاعتراف بها والتعبير عنها بل إن التعبير عنها يؤدى إلى سرعة إختفائها . وأنا أرى أن هذه مهارة لابد علينا أن نكتسبها ليس فقط بل ونقاتل مع أنفسنا لنكتسبها لأننى أرى أن حياتى بدون هذه المهارة حياة سطحية هشة غير عميقة .
والسؤال الان كيف يمكننا التعامل مع المشاعر ؟

الاجابة ليس عن طريق تحديها مباشرة ولكن عن طريق تحدى الافكار وتصحيحها .

والملاحظة الأهم هى أننا لابد أن نفرق بين بين المشاعر والأفكار ونفض اللبس بينهم لاننا نخلط بينهم كثيراً . لأن الخلط بينهم يؤدى الى كبت مشاعرنا ولا نعبر عنها ونقبل أفكاراً خاطئة تنشئ فينا مشاعر مؤلمة لا داعى لها . ويمكن تشبيه المشاعر مثل الدخان الذى يتطاير والافكار مثل النار . الدخان يتطاير فى الهواء ويختفى تدريجيا مع الوقت وأفضل طريقة للتخلص منه هى أن نقبل وجوده ونفتح النوافذ له لكى يخرج .

وإننا عندما نخلط بين المشاعر والأفكار فإننا نقع فى خطأين متكررين . وهما أن نعامل المشاعر معاملة الأفكار أو نعامل الأفكار معاملة المشاعر .

عندما نعامل المشاعر معاملة الأفكار

فإننا عندئذ نحكم عليها بالصواب والخطأ وقد نرفض بعض المشاعر ونعتبرها شيئا خاطئا أو ربما نقصا فى الشخصية أو ضعفا فى الايمان فتظل المشاعر محبوسة بداخلنا وبهذا نكون قد أغلقنا النوافذ لكى لايظهر الدخان فمات كل من فى المنزل مختنقين .

وعلى الجانب الأخر عندما نعامل الأفكار معاملة المشاعر

من الممكن أن نقبل بعض الأفكار الخاطئة ولا نناقشها باعتبارها مشاعر .

ولهذا سعيت جاهدا أن أجمع على قدر إمكانى المشاعر المختلفة التى نشعر بها جميعا

أولاً : التعامل مع المشاعر

لابد فى البداية أن نعلم أن المشاعر لا تنشأ من الاحداث ولكن من تفسيراتنا نحن لهذه الأحداث . وبتشريح المشاعر وجد العلماء أن هناك جزء من المخ يسمى بالمخ الوجدانى وتحديدا جزء منه مسئول عن إختزان الأحداث المحملة بالمشاعر مثل الخوف ويتم التخزين دون فهم معنى ما حدث أو متى حدث أو ترتيب أحداثه . أما التفسير والترتيب فهو مسئولية الفص الأيسر من المخ . ومن المهم لنا أن نفهم أننا من الناحية الأخلاقية غير مسئولين عن رد الفعل الوجدانى لأنه غير خاضع للإرادة . ونستطيع هنا أن نقسم الذكاء الوجدانى الى 5 عناصر بحسب ما جاء فى كتاب مهارات الحياة للدكتور / أوسم وصفى نقلا عن دانيال جولمان مؤلف كتاب الذكاء الوجدانى إلى :

1. 

   الوعى بالمشاعر والقدرة على تسميتها   
2. التعبير عن المشاعر بالكلام
3. إدارة المشاعر سلوكيا بشكل مناسب
4. النجاح المهنى والدراسى
5. النجاح فى العلاقات
   

   
   

وفى وجهة نظرى المتواضعة أهم عنصر  من العناصر السابقة فى بداية طريق التعافىهو العنصر الثانى وهو كيفية التعبير عن المشاعر بالكلام  كيف ؟ ولمن ؟ 

كيف؟

 بالكلام الذى يحول النبضات الشعورية الجسدية التى يشعر بها الانسان إلى لغة يفهمها شخص آخر ولأن الكلام نشاط من أنشطة المخ العقلانى لذلك التعبير بالكلام عن المشاعر التى يشعر بها المخ الوجدانى يربط بينهما ويسمح للمخ العقلانى أن يعمل ويسيطر ويدير الوجدان .

لمن نتكلم ؟

هل نخرج مشاعرنا للعامة فربما نجد شخص لايسمعنا أو نجد من يحقر من مشاعرنا أو نجد من يلومنا أو نجد من يعظنا . ننتخب أشخاص موثوق فيهم ( نستعقلهم ) وفى البداية نشاركهم بجزء بسيط من مشاعرنا ونلاحظ ردود أفعالهم إذا وجد شخص من الشخصيات السابقة لا أستمر فى المشاركة  أما إذا ابدو نوع من التعاطف والمواجدة ولا يتعجلون فى إيجاد الحلول . أيضا الشخص الآمن هو المستمع الجيد والذى يحتفظ بالاسرار .

من فوائد الذكاء الوجدانى انك تستطيع بسهولة الدخول إلى وجدان الآخرين بسهولة ونقدر مشاعرهم وعلى رأى المثل ( إذا عُرفَ السبب بَطُلَ العجب ) وهذا يؤدى إلى نجاح العلاقات .

وإجمالى للأمر أن ندرب أنفسنا على ملاحظة أنفسنا والآخرين وردود أفعالهم ونبدأ فى تحليلها قبل إتخاذ أى موقف . وأود أن أشارككم بشئ أننى كانت هناك بعض العادات السيئة كانت مسيطرة على . إلا أننى بفضل معونة ربنا وتعلم هذه المهارة حاليا أنا ممتنع عن هذه العادات ليس تغصبا ولكن اقتناعا نابع من نفسى ولا تعلمون مقدار سعادتى وأنا أدير حياتى بالشكل الذى كنت أرغب فيه . هذا كل الذى ذكرته استغرق بعض الوقت ربما يصل إلى 3 سنوات وهذا يدعونى الى التفاؤل ومواصلة رحلة الحياة . 

ثانياً : التعامل مع الأفكار

يتكون النظام الفكرى للانسان من 3 عناصر

• الأفكار التلقائية
• طرق التفكير
• المعتقدات المحورية

وتسير الفكرة فى رؤوسنا نتيجة استخدامنا طريقة تفكير معينة التى نتجت عن معتقد محورى دفين داخلنا . فالتغيير ينتج عن تغيير معتقداتنا الخاطئة . ولاكتشاف المعتقدات المحورية التى بداخلنا لابد من مراقبة الافكار التلقائية التى تنشأ لدينا وهذا ليس بالامر اليسير ولكننا نجد صعوبه فى اكتشاف هذه الافكار التلقائية والتخلى عنها لانها أصبحت جزء منا.

        الأفكار التلقائية

تنشا الأفكار التلقائية فى رؤوسنا بطريقة تلقائية دون أى ترتيب من أنفسنا وهى تحدث نتيجة تفاعلنا فى الحياة اليومية مع بعضنا البعض وليس فقط عن طريق تفاعلنا مع الاخرين وإنما ممكن عندما تقع على ذهنى أو على عينى صورة وبالتالى فأنها تستحضر رد فعل معين تجاه مايحدث ولهذا دعونا نتعرف على أهم خصائص الأفكار التلقائية وهى كالتالى  

1. أفكار محددة وليست مبهمة 
2. أفكار تنشأ بطريقة مباشرة وليس بعد تفكير أو تأمل
3. أفكار تنشأ كرد فعل لحدث
4. بالرغم من عدم منطقية هذه الافكار، فإننا نقبلها مباشرة دون فحصها

واليكم بعض الامثلة لبعض الافكار التلقائية التى تنتابنا على مستوى علاقة الانسان بنفسه ( المرض ، رؤيتى لنفسى ) أما على مستوى علاقة الانسان بالاخرين ( أبى وأمى ، مراتى ، أولادى ، أصدقائى ، زملائى فى العمل ) أما على مستوى علاقة الانسان بخالقه (هل أنا محبوب ؟ ، عندما افعل خطية كيف ينظر لى الرب؟ ) 

         طرق التفكير

هذه الطرق فى التفكير تؤدى الى أفكار تلقائية وطرق لتفسير الأحداث كثيرا ما لا تكون متفقة مع الواقع والمنطق وتؤدى بنا إلى مشاعر وسلوكيات مضطربة وغير بناءة.

1. شخصنة الاحداث
2. التفكير بطريقة الاقطاب وعدم رؤية الاشياء النسبية 
3. التعميم
4. التركيز على السلبى والفشل فى رؤية الايجابى 
5. القفز للاستنتاجات
6. التكبير والتصغير وهذا يقودنا الى التفكير الكارثى 
7. قراءة الافكار
8. الربط بين الاحداث ليس بالضرورة مرتبطة ببعضها البعض
9. وضع عناوين
10. الايمان بوجوب بعض الأشياء بشكل مطلق

         المعتقدات المحورية 

الافكار التلقائية ليست دائما خاطئة فربما تكون حقيقية فى بعض الاحيان وربما يتحقق ما تتنبأ به . لقد تكونت معتقداتنا فى سن مبكرة وهى سن ما قبل الفحص والنقد والتعامل بالمنطق فمن الممكن أن تكون هذه المعتقدات غير منطقية إلا أنها قد عُقدت فأصبح من الصعب فكها . كما أننا بنينا حياتنا حولها وإستخدمناها فى قياس وتصميم أشياء كثيرة ونفيسة فى حياتنا ولسنين عديدة لذلك فإن تغييرها يصبح مكلفا جداً وربما من الاسهل أن نعتبرها صحيحه ونواصل المسير وإن إحتجنا لتشويه الواقع لكى يلائم معتقداتنا فلا بأس . لكن عندما نكتشف أن معتقداتنا لا تجعلنا نواصل المسير بشكل سليم وإنما تجعلنا نخسر بإستمرار ، ربما يكون من المفيد أن نفحصها مهما كان ذلك مكلفاً. وهذا ما نسميه بتحديث المعتقدات . ومن أمثلة بعض المعتقدات :

1. بعض المعتقدات التى تؤدى إلى القلق والمخاوف 
2. بعض المعتقدات التى تؤدى إلى الشك
3. بعض المعتقدات التى تؤدى إلى الإعتمادية

إننا لا نحتمل أن نعيش من منطلق معتقد سلبى طوال الوقت. فيميل المخ إلى تسجيل مثل هذه الافكار والمشاعر الايجابية ويتمسك بها بشدة مكوناً ما يسمى بالمعتقدات الايجابية المشروطة . لان المعتقد السلبى يعمل تلقائياً دون شروط أما المعتقد الايجابى المشروط فلا يعمل الا فى وجود شرطه . وهذا ما نسميه بالسلوكيات الوقائية وهى تهدف الى منع تنشيط المعتقدات السلبية الراسخة وتنشيط المعتقدات الايجابية المشروطة .

وهذه السلوكيات الوقائية تؤدى إلى الكثير من الادمانات والسلوكيات القهرية مثل 

1. إدمان إرضاء الأخرين 
2. هوس الكمال
3. التجنب خوفا من عدم النجاح
4. التظاهر بأى مظهر يجلب المديح والقبول ولو على حساب الجوهر الحقيقى 
5. التنافس والرغبة فى الحصول على المركز الأول لأنه هو الذى يجلب الحب والقبول

مشاركة 

1. لا يوجد أحد ساذج أو عبيط وإذا اعتقدت فى شخص ما أنه كذلك إذن فأنا اللى عبيط وأهبل . هذا المعتقد جعلنى أشك فى أغلب الناس التى تتقرب منى وخصوصا فى مجال العمل لأنه يبحث عن مصلحته وبالتالى رفضت فرص كثيرة تخوفا من هؤلاء لأنهم  يبحثون عن مصلحتهم فقط دون توازن مع مصلحتى .
2. الأخذ أنانية ، والعطاء هو المسموح به 
3. يجب أن يكون كل من حولى سعداء لكى أكون سعيداً